الإنسان ليس لديه اختيار في اسمه ولقبه وأسرته وعائلته ونسبه وعشيرته، يولد بهم، ويتربى ويكبر ويعيش بهم ومعهم، وحتى دينه ومذهبه، يمكن بالطبع أن يختار، لكن قلة قليلة من يُقدم على ذلك، لذا على المرء ألا يتباهى بأسرته أو دينه أو مذهبه أو أي شيء ليس من صنعه وتعبه وجهده، لكن هناك مفارقة في السلوك بين الناس، في التعامل مع الأحباب الذين رحلوا من قبلنا، حينما نرى الفرق بين مقبرة جرداء، ومقبرة خضراء، ونسأل: من هي الجهة التي تأمر بقطع الأشجار المزروعة عند قبور الطائفة السنية؟ وما السبب الذي يدعو تلك الجهة إلى أن تجعل همها ونصب عينيها فقط قطع تلك الأشجار عند القبور؟ خاصة في مقبرتي المحرق والحد، في حين أن بعض المقابر جميلة وارفة الظلال على الأهل والأحباب، وعسى الله أن يبارك لهم هذا الجمال والظلال، ويديم عليهم الخير والبركة، لكن نتساءل من هي الجهة التي تفعل ذلك؟ وما السبب الذي يستدعي قطع الأشجار؟ خاصة إذا كانت هذه الأشجار لا تأخذ حيزاً من المكان.
والحديث الشريف يقول: "إن الله جميل يحب الجمال"، الذي يؤكد أهمية حرصنا على الحُسن والنظافة والجمال في كل شيءٍ، وكذلك الحديث النبوي الشريف الذي يقول: "لو قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، وهذا الحديث يحثّ على الاستمرار في العمل الصالح وبذل الخير حتى في أصعب الظروف، لأن زرع الأشجار يعتبر خير وبركة ومن الأعمال الصالحة.
كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحروب قائلًا في حديثه الشريف: «لا تقطعوا شجرة، ولا تقتلوا امرأة ولا صبياً ولا وليداً ولا شيخاً كبيراً ولا مريضاً، ولا تمثلوا بالجثث، ولا تسرفوا فى القتل، ولا تهدموا معبداً ولا تخربوا بناء عامراً".
هذا هو نبينا الشريف الذي علينا أن نهتدي بخلقه وأخلاقه وأقواله، وهذا هو ديننا الحنيف الذي يحثّ على إعمار الأرض بالخير والمحبة والشجر.
وعسى بلادنا العربية كلها وارفة الظلال بالخير والجمال والشجر.
------------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو